قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْن المَكِّي، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب الأشْعَري، أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ جَاءُوا رسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: يَا محمدُ، أَخْبِرْنَا عَنْ أربعٍ نَسْأَلُكَ عنهنَّ، فَإِنْ فعلتَ ذَلِكَ اتَّبَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ، وَآمَنَّا بِكَ. قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عهدُ اللَّهِ وميثاقُه لَئِنْ أَنَا أخبرتُكم بِذَلِكَ لتصدِّقُنَّنِى؟ " قالوا: نعم، قال: "فاسئلوا عَمَّا بَدَا لَكُمْ". قَالُوا: فَأَخْبِرْنَا كَيْفَ يُشْبِهُ الولدُ أمَّه، وَإِنَّمَا النُّطْفَةُ مِنْ الرَّجُلِ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُنْشِدُكُمْ بِاَللَّهِ وَبِأَيَّامِهِ عِنْدَ بَنِي إسْرَائِيلَ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ نُطْفَةَ الرَّجُلِ بَيْضَاءُ غَلِيظَةٌ وَنُطْفَةَ الْمَرْأَةِ صَفْرَاءُ رَقِيقَةٌ فَأَيَّتُهُمَا عَلَتْ صَاحِبَتَهَا كَانَ لَهَا الشَّبَهُ"، قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالُوا: فأخْبرنا كَيْفَ نومُك؟ فَقَالَ: "أَنْشُدُكُمْ بِاَللَّهِ وَبِأَيَّامِهِ عِنْدَ بَنِي إسْرَائِيلَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ نومَ الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنِّي لستُ بِهِ تَنَامُ عَيْنُهُ وَقَلْبُهُ يَقْظَانُ؟ " فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ: "فَكَذَلِكَ نَوْمِي، تَنَامُ عَيْنِيَّ وَقَلْبِي يَقْظَانُ". قَالُوا: فَأَخْبِرْنَا عَمَّا حرَّم إسرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: "أَنْشُدُكُمْ بِاَللَّهِ وَبِأَيَّامِهِ عِنْدَ بَنِي إسْرَائِيلَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَ أحَبَّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَيْهِ ألبانُ الإِبل وَلُحُومَهَا وَأَنَّهُ اشْتَكَى شَكْوَى فَعَافَاهُ اللَّهُ مِنْهَا فحرَّم عَلَى نَفْسِهِ أَحَبَّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَيْهِ شُكْرًا لِلَّهِ فَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ لحومَ الإِبل وَأَلْبَانَهَا" قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالُوا: فَأَخْبِرْنَا عَنْ الرُّوحِ؟ قَالَ: "أَنْشُدُكُمْ بِاَللَّهِ وبأيامِهِ عِنْدَ بَنِي إسْرَائِيلَ، هَلْ تَعْلَمُونَهُ جبريلَ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِينِي؟ " قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، وَلَكِنَّهُ يَا مُحَمَّدُ لَنَا عَدُوٌّ، وَهُوَ مَلَكٌ، إنَّمَا يَأْتِي بِالشِّدَّةِ وَبِسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاتَّبَعْنَاكَ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} ... إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}
0 تعليقات