قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، فإن سيدنا النبي ﷺ يصف نفسه، ويقول: «إنما أنا رحمة مهداة» فهدى الله هذه الرحمة للعالمين إلى يوم الدين؛ بل من لدن آدم إلى يوم الدين في الدنيا والآخرة، كما أن سيدنا رسول الله ﷺ علمنا أن هذا الكون يسبح، ويعبد ربه، ويسجد له، ويبكي ويفرح، وَيُحِب وَيُحَب.
وقد علمنا أن هذه الكائنات وهذه الجمادات فيها تفاعل، ويجب عليك أن تتفاعل معها، وأن تكون العلاقة بينك وبينها هي الرحمة والعمران، والتعمير لا التدمير.
كان سيدنا رسول الله ﷺ يسبح الحصى في يديه، فتسمع الصحابة ذلك على سبيل المعجزة والآية. هو لا يبني خطابه للناس على هذا، ولكن كان في هذا تثبيتٌ لقلوب بعضهم، أن يستمعوا إلى الحصى وهو يسبح {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}، ويقول تعالي : {وَلِلهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} نعم، إنهم يسجدون ويعبدون ويسبحون، وكل ما في الأرض؛ من جن وإنس، من حجر ومدر، فارحم نفسك ولا تعارض الكون بما فيه؛ فقد سلم الكون أمره لله فسلم أمرك لله، وسلم الكون عبادته لرب الخلق أجمعين فافعل كذلك حتى تكون في نفس الاتجاه، وفي نفس التيار، وإلا كنت تسبح ضد هذا الكون في تسبيحه وسجوده لرب العالمين، فلا ترحم نفسك.
وكان سيدنا ﷺ يخطب -فيما أخرجه البخاري- على جذع نخلة، فلما آتاه المنبر، حَنَّ هذا الجذع، وَأَنَّ أنينًا، حتى إنه أشفق عليه، فنزل من منبره الشريف في وقت خطبة الجمعة، وضمه إلى صدره، فسكن. يعلمنا بذلك أن هذا الكون ينبغي علينا أن نرحمه، وإن كنا لا نفقه تسبيحهم.
0 تعليقات