أوضح الدكتور شوقى علام مفتي الجمهورية، أن جماعات التأسلم السياسي قد انحرفت عن هذه المفاهيم السامية المستوحاة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرجوا عن جادة الوسطية والاعتدال.
وتابع المفتيي، انه تحقق فيهم ما رواه الإمام مالك في الموطأ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري، أنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم، يَقُولُ: (يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَأَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّة)، وقد عبثوا بالعقول والمفاهيم، وشوهوا صورة الإسلام القويم، وتبنَّوا فكرًا متشددًا غاليًا غريبًا عن روح الإسلام وسماحته، لا علاقة له بالوسطية ولا بالاعتدال، واجتزءوا من آيات القرآن الكريم، ومن سنة النبي الأمين، ما أحدثوا به الفتنة وأشاعوا العنف والفوضى، وحكموا على مجتمعات الإسلام بالكفر والجاهلية، وكفَّروا أهل لا إله إلا الله واستباحوا دماءهم، ونازعوا الأمر أهله، واختزلوا الإسلام في مفاهيم مبتدعة ما أنزل الله بها من سلطان.
وشدد مفتي الجمهورية في كلمته على أن واجب العلماء الربانيين من ورثة النبي الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أن يجددوا راية الوسطية التي حملها من قبلهم أسلافنا الصالحون، وأن يبددوا بنور العلم الصحيح ظلمات الجهل القبيح، وأن ينفوا عن الإسلام تحريف الغالين وانتحال المبطلين؛ لأن هذا المنهج الوسطي هو الضمانة الكبرى لتحقيق الأمن والأمان والتنمية والاستقرار على مستوى الفرد والجماعة على حد سواء.
كما تحدث عن عن أهمية التعايش، لافتًا النظر إلى أن الإسلام قد أرسى قواعدَ وأسسًا للتعايش مع الآخر في جميع الأحوال والأزمان والأماكن؛ بحيث يُصبِح المسلمون في تناسقٍ واندماجٍ مع العالم الذي يعيشون فيه؛ بما يضمن تفاعلهم مع الآخر وتواصلهم معه دون تفريط في الثوابت الإسلامية. وعلى نهج تلك الأسس ووَفق هذه الثوابت يمضي المسلمون قُدُمًا في رسم الحضارة الإسلامية لمعايشة المستجدات التي تطرأ عبر التاريخ، ويظل الرسول صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة في كل شيء، مصداقًا لقول الله تعالى: {لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}، وقد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا نماذج للتعايش مع الآخر داخل الدولة الإسلامية وخارجها.
وتابع المفتي: "بالنسبة للحوار مع الآخر وما يشهده العالم اليوم من أحداث عضال ونزاعات، فإنني من وجهة نظري أود القول بأنه يجب ألا نسمح لأنفسنا بالتسليم بحتمية وجود مسار ينتهي بــ"صراع الحضارات"، ومن واجبنا أيضًا أن نتفاعل مع توترات العالم تفاعلًا استباقيًّا من خلال العمل الدءوب والمنهجي على نزع فتيلها؛ حتى يحل الاستقرار محل الاضطراب، والعداء محل الود؛ لأننا نقدم المبادئ الإنسانية العليا التي يجب أن نلتف حولها جميعًا، والتي تتمثل في حفظ النفس البشرية والعمل على حماية وجودها وعقلها وحريتها، والمطلوب -من المنظور الإسلامي- لتحقيق هذه الغايات هو فهمٌ لطبيعة الحوار مع الآخر والغرض منه فهمًا مناسبًا، وبذل جهد واعٍ لإعادة بناء الثقة بين الأطراف المختلفة، واكتشاف القواسم المشتركة".
0 تعليقات