كثفت الدولة المصرية من جهودها لتعميق وتوطين صناعة الدواء، وذلك ضمن خطة استراتيجية طموحة تسعى إلى جعل مصر مركزاً إقليمياً في هذه الصناعة، خاصة وأن هذا الملف يعد أمناً قومياً وأولوية قصوى في ظل المتغيرات الصحية التي ترتبت على جائحة كورونا، حيث سارعت الدولة في الحصول على أحدث تقنيات التصنيع العالمية وتوفير المقومات اللازمة لإنتاج الدواء، مع استغلال الفرص الواعدة للتعاون مع الشركات الدولية المتميزة لتحقيق التكامل في مجال صناعة الدواء وجذب المزيد من الاستثمارات، بما يسهم في تقليص الاستيراد وتلبية احتياجات السوق المحلي اعتماداً على الشركات الوطنية، ويدعم التنافسية للمستحضرات الطبية المصرية، فضلاً عن فتح أسواق تصديرية جديدة.
وفي هذا الصدد نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريراً تضمن إنفوجرافات تسلط الضوء على وضع مصر على خريطة سوق الأدوية العالمي، بعد أن أصبحت الجمهورية الجديدة وجهة لاستثمارات التصنيع الدوائي، وذلك استكمالاً لنجاحات استراتيجيتها لتوطين تلك الصناعة.
وأوضح التقرير أن مصر تعد من أوائل دول العالم التي تصنع عقار المولونبيرافير المُعالج لفيروس كورونا محلياً، ولتكون بذلك الدولة الأولى بالشرق الأوسط التي تقوم بإصدار رخصة التسجيل الطارئ للعقار محلياً من خلال الشركات المصرية، حيث يصل إجمالي ما تم إنتاجه من العقار 240 ألف عبوة، فيما تمتلك شركات الإنتاج مواد خام تكفي لإنتاج 450 ألف عبوة.
وأشار التقرير إلى أن هذا العقار يعد أول علاج فموي للبالغين المعرضين لمخاطر عالية من جراء الإصابة بفيروس كورونا المستجد، فضلاً عن أنه يقلل من خطر الوفاة ودخول المستشفى بمقدار النصف للمرضى الذين يعانون من مرض خفيف إلى متوسط.
وأضاف التقرير أن مصر أصدرت رخصة الاستخدام الطارئ لعقار المولونبيرافير في 24 يناير2022 لتحصل بذلك أكثر من 14 شركة في مصر على تلك الرخصة، موضحاً في الوقت نفسه أنه يتم تداوله فقط داخل المستشفيات لضمان استخدامه تحت الإشراف الطبي الكامل، حيث يعالج الدواء فيروس كورونا عن طريق 4 كبسولات كل 12 ساعة لمدة 5 أيام.
واستعرض التقرير جهود توطين صناعة الدواء والتي تساهم في تقليل فاتورة الاستيراد، حيث تبلغ نسبة التصنيع المحلي من احتياجات مصر من الدواء أكثر من 75% بالقيمة المالية، وأكثر من 90% من عدد الوحدات.
وفيما يخص توطين صناعة دواء فيروس سي فتصل نسبة التوطين 100%، مما ساهم في وصول سعر الكورس للفرد محلياً 50 دولاراً، في الوقت الذي يبلغ فيه سعر الكورس للفرد عالمياً 10 آلاف دولار.
وبشأن توطين صناعة علاج فيروس كورونا، فيشمل توطين صناعة كافة مستحضرات بروتوكول علاج فيروس كورونا ما عدا مستحضر واحد يصنع عالمياً في مصنع واحد فقط، وقد تم تحقيق وفر بقيمة 2 مليار دولار نتيجة تقليل الاستيراد خلال العاميين السابقين.
أما عن صناعة المضادات الحيوية الحديثة فقد بلغت نسبة توطينها 79%، وتحقق وفر بنحو 70 مليون دولار نتيجة تقليل الاستيراد، فضلاً عن توطين صناعة قطرات العيون أحادية الجرعة بنسبة 95.5%، مما حقق وفراً بقيمة 50 مليون دولار سنوياً نتيجة تقليل الاستيراد.
ورصد التقرير جهود مصر في تجهيز بنية تحتية ضخمة للتصنيع الدوائي، حيث يبلغ عدد مصانع الأدوية على مستوى الجمهورية 170 مصنعاً عام 2022، مقابل 130 مصنعاً عام 2015، بنسبة زيادة 30.8%، بالإضافة إلى امتلاك مصر 700 خط إنتاج عام 2022، مقابل 500 خط عام 2015 بنسبة زيادة 40%، مشيراً إلى أنه تم إعفاء مدخلات الإنتاج الدوائية من ضريبة القيمة المضافة في يناير 2022.
وتطرق التقرير إلى مدينة الدواء GYPTO PHARMA والتي تعد مركزاً إقليمياً لصناعة الدواء على أرض مصر، مشيراً إلى أنها من أكبر المدن الدوائية على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا، وتقام على مساحة 180 ألف متر2 للمرحلتين الأولى والثانية، بينما تتراوح الطاقة الإنتاجية للمدينة الآن ما بين 250 مليون إلى 300 مليون عبوة سنوياً.
ووفقاً للتقرير، فإن المدينة تنتج 40 مستحضراً، فيما يبلغ إجمالي المستحضرات المسجلة وتحت التسجيل 120 مستحضراً، بالإضافة إلى أنه من المستهدف تصدير من 15% إلى 20% من الإنتاج إلى الخارج على مراحل.
وعلى صعيد متصل، ذكر التقرير أن المدينة تهدف إلى تمكين المواطن المصري من الحصول على علاج دوائي عالي الجودة بأسعار مناسبة، وتحقيق الأمن الدوائي وتجنيب المريض المصري الممارسات الاحتكارية، إلى جانب إنشاء مركز إقليمي لصناعة الدواء يجذب الشركات العالمية، وكذلك فتح أسواق للتصدير في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط.
وفي سياق استعراض جهود الدولة أيضاً، أظهر التقرير أن المقر الرئيسي لشركة "فاكسيرا" يقع في منطقة العجوزة على مساحة 61.000 متر2، ويهدف إلى إنتاج 8 لقاحات رئيسية من خلال اتفاقية نقل تكنولوجيا التصنيع المبرمة بين شركة سيرم الهندية -أحد أكبر مصنعي اللقاحات على مستوى العالم - والشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات.
كما ينتج المجمع لقاحات الكلب، والثعبان، والعقرب، والحيات، والتيتانوس، بالإضافة إلى أنه يمتلك مصنعاً لإنتاج الأنسولين البشري، فضلاً عن مصنع لإنتاج لقاحات كورونا بطاقة إنتاجية 100 مليون جرعة سنوياً، وقد تم إنتاج 30 مليون جرعة من لقاح كورونا حتى ديسمبر 2021.
ولفت التقرير إلى أنه يجري إنشاء مجمع مصانع "فاكسيرا" بأكتوبر على مساحة 62.000 متر2، ويضم مصنعاً للقاحات البيطرية لإنتاج لقاح إنفلونزا الطيور و7 لقاحات أخرى بطاقة إنتاجية 400 مليون جرعة سنوياً، في حين تصل الطاقة الإنتاجية لخط تعبئة اللقاحات البشرية ولقاح كورونا إلى 300 مليون جرعة سنوياً.
هذا ويتضمن المجمع كذلك 8 معامل للرقابة على الإنتاج مزودين بأحدث الأجهزة الخاصة بقياس جودة الإنتاج في مراحله المختلفة، بينما تصل السعة التخزينية لمجمع المخازن المبردة للقاحات 150 مليون جرعة، والذي تم توقيع اتفاقية لإنشائه، كما أنه مجهزاً طبقاً لمواصفات منظمة الصحة العالمية للتخزين الجيد، إلى جانب مصنع لإنتاج سرنجات ذاتية التلف.
يأتي هذا بينما يستهدف مشروع المخازن الاستراتيجية للأدوية والمستلزمات الطبية، إنشاء 6 مخازن استراتيجية للدواء لتغطية الجمهورية، وذلك بتكلفة 4 مليارات جنيه، وبسعة تخزينية 190 ألف بالتة للمشروع، وذلك بهدف توفير مخزون استراتيجي من الأصناف والأدوية والمستلزمات الطبية لجميع الجهات الحكومية لمدة تتراوح ما بين 2 إلى 4 أشهر.
واستكمالاً لما سبق، فقد تم إطلاق مبادرة دعم التصدير "هيئة الدواء" في فبراير 2021، بهدف دعم ومتابعة الصادرات المصرية من المستحضرات الطبية والعمل على رفع التنافسية العالمية لها.
0 تعليقات