قالت دار الإفتاء المصرية إن السجود أمام القبر له صورتان الأولى: السجود لصاحب الضريح وجعله قِبلَةً دون القبلة المشروعة؛ فهذا ممنوعٌ شرعًا، والثَّانية السجود عند المقام بقصد الاستظهار بروحه والتَّبركِ به، ومحاولة وصول أثرٍ من آثار عبادته إليه، وهذا جائز ولا حرج فيه.
وأشار الإفتاء إلى قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» متفق عليه، وفي روايةٍ لمسلمٍ: «اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ» ولقد فسَّرَ علماء الأُمَّة قاطبةً اتِّخاذَ القبر مسجدًا:بأن يُجعل القبر نفسُه مكانًا للسجود، ويسجد عليه الساجد لمن في القبر عبادةً له كما فعل كثير من اليهود والنصارى؛ حيث قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 31]، فهذا هو معنى السجود الذي استوجب اللعن.
أو يُجعل القبر قِبلَةً دون القبلة المشروعة كما يفعل جماعة منهم؛ حيث يتوجَّهون بالصلاة إلى قبور أحبارهم ورهبانهم، فتلك الصور هي التي فهمها علماء الأُمَّة من النهي عن اتِّخاذ القبور مساجدَ.
أمَّا من اتَّخذ مسجدًا بجوار صالحٍ أو صلَّى في مقبرته وقصد به الاستظهار بروحه ووصول أثرٍ من آثار عبادته إليه، لا التعظيم له والتوجُّه؛ فلا حرجَ عليه؛ ألا ترى أنَّ مدفن إسماعيل عليه السلام في المسجد الحرام عند الحطيم! ثمَّ إنَّ ذلك المسجد أفضل مكانٍ يتحرَّى المصلِّي بصلاته. والنهيُ عن الصلاة في المقابر مختصٌّ بالمنبوشة؛ لِما فيها من النجاسة] اهـ.
0 تعليقات